أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ فَقَالَ: أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهُ: أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الْفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ، وَلَا تُمْهِلَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ ، قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ رواه مسلم 1032 | وقال النووي رحمه الله تعالى: " قوله صلى الله عليه وسلم: أفلح وأبيه ليس هو حلفا، إنما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها ، غير قاصدة بها حقيقة الحلف |
---|---|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن من المقرر شرعاً أنه لا يجوز الحلف بمخلوق، لا بحياة الشهداء ولا حياة أي مخلوق آخر حتى الأنبياء عليهم السلام مع فضلهم ومكانتهم، وقد ذكر النووي -رحمه الله- في كتاب رياض الصالحين: باب النهي عن الحلف بمخلوق كالنبي والكعبة والسماء والآباء والحياة | ما حكم الحلف بغير الله ؟ حكم الحلف بغير الله فى الإسلام ما حكم الحلف بغير الله ؟ لا يجوز الحلف بشيء من المخلوقات، لا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا بالكعبة، ولا بالأمانة، ولا غير ذلك في قول جمهور أهل العلم |
لكن لو اعتقد من حلف بغير الله أن هذا المحلوف به يتصرف في الكون أو ينفع ويضر دون الله، أو أن له مثل عظمة الله صار شركًا أكبر، فمن قال من العلماء: إنه شرك أكبر فمراده إذا عظمه كتعظيم الله أو اعتقد فيه أنه يصلح لما يعبد الله به أو أنه ينفع ويضر دون الله أو ما أشبهه من العقائد الباطلة، فإن حلف به على هذا الاعتقاد صار شركًا أكبر.
29فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقسم بأبيه "عبد الله"، فلم يقل "بأبي" حتى ترد شبهة القسم، وأنه ذكره معظما له لحق الأبوة، وإنما ذكر أب المخاطب ، وهو في غالب الظن مشرك؛ فلا تتطرق شبهة تعظيمه أصلا، وإنما هي صيغة من صيغ توكيد الكلام ، جرت عليها العرب من غير قصد القسم ، كما يقولون : ويحك ، وويلك ، وثكلتك أمك ، ولا يقصدون حقيقة معنى هذه الألفاظ | والعرب قد تطلق هذا اللفظ في كلامها على ضربين؛ أحدهما: على وجه التعظيم، والآخر على سبيل التوكيد للكلام ، دون القسم |
---|---|
والحلف؛ أيّ اليمين، على أنواعٍ، أوله : وهو ما حلفه الإنسان على فعلٍ أو ترك فعلٍ حصل في الماضي، وهو يعلم أنّه كاذبٌ بذلك، أمّا النوع الثاني فهو يمين اللغو: وهو ما صدر من الإنسان دون قصدٍ، فسبق اليمين إلى لسانه دون أن يريده، أو ما حلف الإنسان فيه على ما يظنه، وأمّا النوع الأخير فهو اليمين المنعقدة، والتي يراد بها: أن يحلف الإنسان على أمرٍ حتى يؤكده ويقّويه، ويكون صادقاً في يمينه تلك، وقد ثبت عن -صلّى الله عليه وسلّم- حلفانه ثمانين مرةٍ، وقد أمره الله -تعالى- بالحلف في ثلاثة مواضعٍ، وقد حثّ رسول الله على الحلف بالله -تعالى- شريطة أن يكون ذلك الحلف على صدقٍ وبرّ، وأخبر النبي عن محبة الله -تعالى- لمن يحلف به، إن كان يحلف على أمرٍ مشروعٍ؛ كفعل طاعةٍ، أو ترك ، أو نحو ذلك، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: احلِفوا بالله و بَرُّوا و اصدُقوا، فإنَّ اللهَ يحبُّ أن يُحلَفَ به | ومن الأدلة على خطورة الحلف بغير الله حديث ابن عمر أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد أشرك |
كفّارة اليمين بيّن الله -تعالى- في القرآن الكريم كفّارة اليمين، وذلك في قوله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ، ويظهر من الآية الكريمة أنّ كفارة اليمين هي عتق رقبةٍ، أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم الإنسان أهله عادةً، أو كسوتهم، فإن لم يستطع شيئاً من تلك الثلاثة، صام ثلاثة أيامٍ، ويقدّر الإطعام في كفارة اليمين؛ بإعطاء كلّ مسكينٍ كيلو ونصف، من الأرز، أو البر، أو نحو ذلك من أوسط قوت البلد الذي يعيش فيه الإنسان، ويمكن كذلك أن يعطي الإنسان كلّ مسكينٍ قيمة الطعام من المال، إذا كان ذلك أنفع له، وأمّا الكسوة فيجزء فيها أن يعطي الإنسان كلّ مسكينٍ ما يغّطي عورته، وتصحّ به.
14فالحاصل؛ أن هذه الألفاظ مختلف في صحتها؛ وليست صريحة في القسم، فلا يصلح أن يعارض بها أحاديث النهي عن القسم بغير الله تعالى ، الصحيحة الصريحة | لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفْلَحَ، وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ رواه مسلم 11 |
---|---|
تحريم الحلف بغير الله جاءت عدد من الأحاديث النبوية الواردة في السنة النبوية المصدر الثاني من مصادر الشريعة الاسلامية تعمل على تحريم الحلف بغير الله ، حيث أشارت الأحاديث الصحيحة في هذا السياق على تكفير من يقوم بهذا العمل واعتباره من المشركين |
ماحكم الحلف بعير الله مع الدليل شاهد أيضًا: من حلف بغير الله لا يجوز ولا يحل للإنسان أن يحلف بغير الله تعالى، أو بغير صفةٍ من صفاته، فإن للإنسان أن يحلف فيقول: والله، أو: وعلم الله، أو: وقدرة الله، أو: وعزة الله.
18