قال ابن حجر: "قال الْمُهَلَّب: "كانت العرب تحلف بآبائها وآلهتها، فأراد الله نسخ ذلك من قلوبهم، لينسيهم ذِكْر كل شيء سواه ويبقي ذكره، لأنه الحق المعبود، فلا يكون اليمين إلا به، والحلف بالمخلوقات في حكم الحلف بالآباء" | ويدخل في ذلك الحلف بحياة الإنسان ورأسه وشرفه ، والحلف بأمه وأبيه ، والحلف بالكعبة وغير ذلك من المخلوقات |
---|---|
فالحاصل؛ أن هذه الألفاظ مختلف في صحتها؛ وليست صريحة في القسم، فلا يصلح أن يعارض بها أحاديث النهي عن القسم بغير الله تعالى ، الصحيحة الصريحة | بل ذكر غير واحد الإجماع على أنه لا يُقْسَم بشيء من المخلوقات، وذكروا إجماع الصحابة على ذلك، بل ذلك شرك منهي عنه" |
ومِن الحِكمةِ في النهي عن الحلف بغير الله، أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، والعظمة إنَّما هي لله وحْدَه، فلا يُحْلفُ إلَّا بالله وأسمائه وصفاته.
في مجتمعنا تنتشر ظاهرة الحلف بغير الله بشكل كبير جدا ، لكن هذا مما يجري على ألسنة الناس دون قصد ، وتعودوا على هذا من صغرهم ، حتى إن الشخص إذا بدأ يحلف بأشياء مثل وحق النعمة ، ورأس أبوي ، وغيرها ، وشعر أن لا أحد يصدقه يبدأ يحلف بالله وصفاته دليلا على أنه يعظم الله فقط ، وخاصة أنه توجد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يحلف مثل أفلح وأبيه وغيرها ، فهل الحلف بغير الله محرم قطعا ؟ الحمد لله | فليس منا لأنَّ المؤمن لا يحلف إلا بالله وصفاته والأمانة ليس واحدًا من الأمرين"، وقال المناوي: " ليس منا أي ليس من جملة المتقين معدودا، ولا من جملة أكابر المسلمين محسوبا، وليس من ذوي أسوتنا، فإنه من دَيْدن أهل الكتاب، ولأنه سبحانه أمر بالحلف بأسمائه وصفاته، والأمانة أمر من أموره، فالحلف بها يوهم التسوية بينها وبين الأسماء والصفات، فنهوا عنه كما نهوا عن الحلف بالآباء" |
---|---|
Your browser does not support the video tag |
الحلف بغير الله سبحانه وتعالى لا ينعقد ولكن الحلف بالكعبة وبالنبي صلى الله عليه وسلم هو حلفًا بالله، وعندما أقول والكعبة المشرفة فهذا فيه تعظيم لبيت الله الحرام وكل ما فيه تعظيم لله تعالى جاز ان يُحلف به، فيجوز أن احلف بالله وبصفاته، ويجوز أن أحلف بما نُسِب اليه سبحانه وتعالى، كذلك الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم ينعقد فيه اليمين فى أحد القولان عند الحنابلة.
الجديد في شرح كتاب التوحيد، مكتبة السوادي، جدة، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الخامسة، 1424هـ - 2003م | والجواب: أن هذه رواية شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة لا يجوز أن يتعلق بها، وهذا حكم الشاذ عند أهل العلم، وهو ما خالف فيه الفرد جماعة الثقات، ويحتمل أن هذا اللفظ تصحيف كما قال ابن عبد البر رحمه الله، وأن الأصل أفلح والله ، فصحفه بعض الكتاب أو الرواة، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل النهي عن الحلف بغير الله، وبكل حال فهي رواية فردة شاذة لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتشبث بها ويخالف الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الحلف بغير الله، وأنه من المحرمات الشركية، وقد خرج النسائي بإسناد صحيح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه حلف باللات والعزى فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وانفث عن يسارك ثلاثاً وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولا تعد ، وهذا اللفظ يؤكد شدة تحريم الحلف بغير الله؛ وأنه من الشرك ومن همزات الشيطان، وفيه التصريح بالنهي عن العود إلى ذلك |
---|---|
Your browser does not support the video tag |
وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": "فإن الله يُقْسِم بما يقسم به من مخلوقاته لأنها آياته ومخلوقاته، فهي دليل على ربوبيته، وألوهيته ووحدانيته، وعلمه وقدرته، ومشيئته ورحمته، وحكمته وعظمته وعزته، فهو سبحانه يقسم بها لأن إقسامه بها تعظيم له سبحانه، ونحن المخلوقون ليس لنا أن نقسم بها بالنص والإجماع.