الثاني: «مقام المراقبة» وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه، فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى؛ لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله تعالى وإرادته بالعمل، قال الحارث المحاسبي: «أوائل المراقبة علم القلب بقرب الرب»، وقال بعض السَّلف: «من عمل لله عَلَى المشاهدة فهو عارف، ومن عمل عَلَى مشاهدة الله إياه فهو مخلص» | وقالوا أيضا في الإحسان: «فعل الخيرات على أكمل وجه» |
---|---|
والإحسانُ إلى الخلقِ مَعَنَاهُ بذلُ الخيرِ وكفُّ الشرِّ | تحت تلك الشجرة جرة مليئة بالذهب، وعلينا أن نرشده لها، فقال الشاب للهدهد: هل تخبراني عن كنز مكانه أسفل الشجرة، لم يره أحد، ولم تستطيعا أن تريا الصياد وشبكته عندما اصطادكما؟ عندها قالا له إن القضاء لو حل، انصرفت العيون عن رؤية الشيء، ووقت القدر لا يرى البصر، وقد أخفى القدر عن أعيننا شبكة الصياد فلم نستطع رؤيتها، ولم يخفي عنها الكنز فرأيناه وصدق الشاب الكلام، وأخذ يحفر أسفل الشجرة، حتى وصل إلى آنية من خزف ففتحها، فرآها مليئة بالذهب، وعندها شكر الهدهدين ودعا لهما ثم ودعهما، وقد لاقي جزاء إحسانه إليهما، واتباع تضمن لصاحبهم الجنة بمشيئة الله |
فأمَّا الذي له حقٌّ واحدٌ فجارٌ كافر لا رحِم له، له حقّ الجوار.
29فعن سَعِيدُ بن جُبَيرٍ- كما في المعجم الكبير- قَالَ: «كُنْتُ أَمْشِي مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَمَرَّ عَلَي قَوْمٍ قَدْ نَصَبُوا طَائِرًا اتَّخَذُوهُ غَرَضًا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَعَنَ اللَّهُ مِنْ فَعَلَ هَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ينْهَي عَنْ هَذَا» | قال صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله كتب الإحْسَان على كلِّ شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة |
---|---|
وأمر بالإحسان مقيَّدًا مفصلًا، فأمر بالإحسان إلى الوالدين، وأمر بالإحسانِ إلى الأقرباء وإلى الجار والفقراءِ والضعفاء، وبالإحسان إلى المنكوبين بكوارثَ كونيّة أو عدوّ نازل، وبالإحسان إلى اليتامى وغيرهم | ففي هذه الكلمات النبوية الجامعة من مقتضيات المراقبة والخشية والإنابة والإتقان والاتباع وصفاء السريرة |
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدًا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
27متن الحديث عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته رواه مسلم | ثم اعلموا عباد الله، أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديِّ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبينا محمَّد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابة أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين |
---|---|
ما فيه صلاح الدنيا والآخرة |
وهو للأقارب ببرِّهم ورحمتهم والعطف عليهم، وفعل ما يَجْمُل فعله معهم، وترك ما يسيء إليهم.
13