وقال عَبَّادُ بْنُ حَمْزَةَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ وَهِيَ تَقْرَأُ: فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ، قَالَ: «فَوَقَفَتْ عَلَيْهَا، فَجَعَلَتْ تَسْتَعِيذُ وَتَدْعُو» قَالَ عَبَّادٌ: فَذَهَبْتُ إِلَى السُّوقِ، فَقَضَيْتُ حَاجَتِي، ثُمَّ رَجَعْتُ وَهِيَ فِيهَا بَعْدُ تَسْتَعِيذُ وَتَدْعُو | أمورٌ تساعد على تدبُّر القرآن هناك العديد من الأمور التي تُعين على تدبُّر القرآن، ومنها: تلاوته ليلاً؛ إذ إنّ التلاوة في صلاة الليل تُساعد العبد على التأمُّل، والوقوف على المعاني، والمقاصد؛ لِما في الليل من هدوءٍ، وبُعدٍ عن مشاغل الحياة الدُّنيا، بالإضافة إلى حُسن الإنصات، والاستماع؛ لتحقيق الانتفاع بالقراءة، والاعتبار بما فيها من مواعظ، وحِكمٍ، ومعرفة كيفيّة البدء بالآية، والوقوف عندها؛ أي مراعاة أحكام ؛ للبحث عن أسباب الرَّبط بين الآيات، والتأمُّل في معانيها؛ فالجهل بالمعنى قد يكون سبباً في عدم التلذُّذ عند قراءة القرآن، والوصول إلى المُراد يُسهم فيه تدبُّر القرآن، فيقف عند المعاني كلّها، ويتأمّل ما فيها من أوامر، ونَواهٍ، كما أنّ تكرار الآية أكثر من مرّةٍ يُساعد في التدبُّر، وله أثرٌ في القلب، وتتحقّق به حلاوة الإيمان، بالإضافة إلى معرفة أساليب القرآن العديدة، مثل: الآيات المختومة ، والغاية من ذلك، واشتمال القرآن على أساليب التعليم، كضرب الأمثلة، والتشبيه بالمَحسوسات، ومن الأساليب القرآنيّة أيضاً: التذكير بأمر الله، وعَظَمة الخالق، والتشويق لِما أعدّه من أجرٍ وثوابٍ، والنَّهي عن السخرية والاستهزاء، وذِكر الخسارة التي يقع فيها من ارتكب النواهي، وعاقبته في الآخرة |
---|---|
وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً والحمدُ للهِ ربِّ العَالمين |
فالتساؤلُ يُثِيرُ الفِكْرَ والنَّظَرَ عند الإنسان، ويحفِّزُهُ على البحث عن معنى الآية ودَِلالاتها، ويُرَسِّخُ المعنى في الذهن.
14فانطلقت لمنزلي حزيناً فجاءني، فقال: ما الذي كرهت مما قال الرجل آنفاً؟ قلت: متى ما يسارعوا هذه المسارعة يحتقوا - يختصموا: كلٌ يقول الحق عندي - ومتى يحتقوا يختصموا، ومتى اختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا، فقال عمر: لله أبوك! وقد ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن السلف من بعده، عن أَبي ذَرٍّ أن النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَامَ بِآيَةٍ يُرَدِّدُهَا حَتَّى أَصْبَحَ وهي قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ | وروى أبو داود والنسائي وغيرهما عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة ، لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل ، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ |
---|---|
المقدم: جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم إذاً من تدبر القرآن وخرج بمعاني لا يحتفظ بها لحياته الشخصية كما يقول هذا السائل بل ينشرها بين إخوانه؟ الجواب: إذا تيسر له حفظها وهو متبصر فلينشرها، أما إن كان عنده تردد أو جهل فليسأل عنها أهل العلم، ويعرضها على أهل العلم حتى يبصروه وحتى يفهم المراد وينفع غيره أيضًا، أما إذا كان طالب علم يفهم فإنه ينصح إخوانه وأهل بيته بما فهم من كتاب الله وبما علم من القرآن حتى يكون من دعاة الهدى، نعم | وتجدر الإشارة إلى أنّ الانتفاع بالقرآن، وتحقيق الغاية من إنزاله لا تتحقّق بمُجرّد القراءة، وإنّما بإعمال النَّظَر والفِكْر في آياته، وتدبُّر معانيها، وبذلك يتحصّل المسلم على ثمرة قراءة ؛ فالتدبُّر مِمّا يُعين على معرفة طُرق الخير والشرّ، وتجلية مَعالمها، وإدراك أسبابها، وفَهْم مقاصدها وغاياتها، والنَّظَر في مآلات سالكيها كما بَيّن ذلك العلّامة ابن القَيّم الجوزيّة -رحمه الله-، والتدبُّر فعلٌ سامٍ لا يتعلّق بمُجرّد النَّظَر لتحصيل المعارف والعلوم، وإنّما هو تفكُّرٌ شاملٌ، ونظرٌ ثاقبٌ في الآيات؛ للتوصُّل إلى مَراميها ومَقاصدها الحقيقيّة؛ الأمر الذي يجعل المسلم قادراً على العمل بما عَلِمَه |
لذلك فالحذر كل الحذر من تدبر القرآن بجهل أو بإتباع الهوى أو بإتباع من يدَّعون أنهم يتدبرون القرآن وهم فى الحقيقة يضلون من يتبعهم من المسلمين.
13أي أن عمل الناس أصبح تلاوة القرآن فقط بلا تدبر ولا عمل به" | وهكذا كان هدي النبي عليه الصلاة والسلام، فقد وصف حُذَيْفَةُ رضي الله عنه قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه: يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ |
---|---|
إِنَّ تدبر القرآن هو التأمُّلُ لفهم المعنى، والتوصُّلُ إلى معرفةِ مقاصدِ الآياتِ وأهدافها، وما ترمي إليه من المعاني والحِكَمِ والأحكام، وذلك بقصد الانتفاع بما فيها من العلم والإيمان، والاهتداء بها والامتثال بما تدعو إليه | كيفية تدبُّر القرآن ورد مصطلح تدبُّر القرآن في قول الله -تعالى-: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، والتدبُّر سبيل المسلم للتفكُّر في معاني كتاب الله ومدلولاته، والاستجابة لِما تتضمّنه الآيات القرآنيّة من معاني الرحمة، والرجاء، وامتثال الأوامر؛ فإن قرأ المسلم آيةً تتضمّن عذاباً، استعاذَ بالله منه، واجتهد في تنفيذ ما أمر الله به، واستغفر لِما اقترفَه من الذنوب والمعاصي، وإن قرأ آيةً تتضمّن معاني الرحمة الربّانية، دعا رَبَّه أن يشملَه بها، وإن قرأ آيات استجابة الدعاء، اجتهدَ في مُناجاة ربّه، وتضرّع إليه؛ راجياً عَفْوه، ومغفرته، وإن قرأ آيات تمجيد الله، أو تنزيه، سبَّحَه، وعَظّمه، ووَقَّره |
في هذه الآية بين الله تعالى أن الغرض الأساس من إنزال القرآن هو التدبر والتذكرلا مجرد التلاوة على عظم أجرها.
20